
تنفيذ الأمر بوقف التنفيذ: الطرق والإجراءات وأثر الطعن
سنعرض من خلال هذا المبحث طرق تنفيذ الأمر بوقف التنفيذ وأثر الطعن في تنفيذه وذلك من خلال المطلبين التاليين، حيث أن فهم هذه الجوانب ضروري لضمان فعالية هذا الإجراء القضائي الهام.
المطلب الأول: طرق تنفيذ الأمر بوقف التنفيذ وضماناته
تنص المادة 935 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية: “يرتب الأمر الاستعجالي أثره من تاريخ التبليغ الرسمي أو التبليغ للخصم المحكوم عليه. غير أنه يجوز لقاضي الاستعجال أن يقرر تنفيذه فور صدوره. يبلغ أمين ضبط الجلسة بأمر من القاضي منطوق الأمر بالصيغة التنفيذية في الحال إلى الخصوم مقابل وصل استلام إذا اقتضت ظروف الاستعجال ذلك”. يعتبر هذا النص الأساس لتحديد كيفية تنفيذ الأمر بوقف التنفيذ.
بالتمعن في مضمون المادة نجد أن المشرع الجزائري لم يجرد الأمر الفاصل في طلبات وقف التنفيذ من طابعها الاستعجالي وقابليتها للتنفيذ رغم الطعن فيها.
وتبدأ إجراءات تنفيذ الأمر بوقف التنفيذ كبقية الأحكام القضائية باستصدار النسخة التنفيذية للأمر التي تتميز عن النسخة البسيطة التي يسمح المشرع بتنفيذها بل أكثر من ذلك لمجرد النطق بالأمر وذلك في حالة الاستعجال القصوى.
فكل حكم أو أمر أو قرار لا يكون قابلا للتنفيذ ما لم يكن ممهورا بالصيغة التنفيذية طبقا للمادة 601 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية. وتكون الصيغة التنفيذية في المادة الإدارية كما يلي: “الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية تدعو وتأمر الوزير أو الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي وكل مسؤول إداري آخر كل فيما يخصه وتدعو وتأمر كل المحضرين المطلوب إليهم ذلك فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة ضد الخصوم الخواص أن يقوموا بتنفيذ هذا الحكم القرار…”
والملاحظ أن هذه الصيغة التنفيذية تجعل مسألة التنفيذ في مواجهة الأشخاص المعنوية العامة من مسؤولية الرئيس الإداري فهي تأمر الوزير والوالي ورئيس المجلس الشعبي البلدي وكل مسؤول إداري آخر كل فيما يخصه فمسؤوليتهم في تنفيذ السند تكون في مواجهة الخواص فقط وليس في مواجهة الإدارة. إن فهم هذه الصيغة ضروري لـ تنفيذ الأمر بوقف التنفيذ بفعالية.
والأوامر الصادرة في طلبات وقف التنفيذ تصدر في الشكل العادي للأحكام والنسخ التنفيذية منها تمهر بالصيغة التنفيذية على أن الاستفادة من إيقاف التنفيذ لا تتم بمجرد إصدار الأمر بالصيغة التنفيذية ولكن بتوافر الشرط الثاني وهو التبليغ الرسمي أو التبليغ للخصم المحكوم عليه. وهذا ما نصت عليه المادة 935 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية ما لم يقضي الأمر بالتنفيذ فورا مثلما أجازته نفس المادة الفقرة الأخيرة وذلك إذا اقتضت ظروف الاستعجال ذلك. وهنا بأمر من القاضي منطوق الأمر ممهورا بالصيغة التنفيذية من طرف أمين ضبط الجلسة وذلك حسب رأينا المتواضع لما يترتب على الانتظار في تسلم نسخة الأمر التنفيذية وتبليغها قبل الشروع في التنفيذ من تأخير في إجراءاته وقد يكون من أثره تفويت الفرصة المقصودة من استصدار الأمر والإخلال بمصلحة المحكوم له في إشارة واضحة إلى المسودة كون أن القاضي هنا يأمر أمين ضبط الجلسة أن يبلغ منطوق الأمر ممهورا بالصيغة التنفيذية في الحال إلى الخصوم مقابل وصل استلام1.
وبمجرد تبليغ الأمر التي خلاف تبليغ السندات في المواد المدنية التي تتم بناء على طلب المعني ونفقته فإنه في المواد الإدارية يتم تبليغ الأحكام تلقائيا من قبل أمين الضبط وذلك ما يفهم من نص المادة 837 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية. إن سرعة تنفيذ الأمر بوقف التنفيذ تعتمد على هذه الإجراءات.
يتعين تنفيذ الأمر باستخلاص أثره الأساسي ألا وهو إيقاف تطبيق القرار الإداري المطعون فيه. الأمر بوقف تنفيذ القرار يصل في خطورته إلى مرتبة الحكم بإلغائه لأنه في هذا المجال لا يختلف في وقف تنفيذ القرار عن إلغائه إلا من حيث مداه. ذلك أنه في حالة وقف التنفيذ يوقف تنفيذ القرار مؤقتا إلى حين الفصل في طلب الإلغاء2. فالحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر بمنع الطالب المدعي من دخول الامتحان يتم تنفيذه بأن تسمح جهة الإدارة له بدخول الامتحان وأن تعلن نتيجة الامتحان فإذا حجبتها يتعين أن يستفاد ذلك من أمر وقف التنفيذ بأن تكون حالة الاستعجال في الدعوى قد تطلبت عدم تفويت فرصة للطالب في اجتياز الامتحان في موعده على أن يبحث موضوعا مركزه القانوني فيما بعد. هنا يتعين أن يكون الحكم واضحا في ذلك.
كما أن وقف تنفيذ قرار الإدراج على قوائم الممنوعين من السفر يستوجب من الإدارة اتخاذ إجراءات رفع اسمه من تلك القوائم وإخطار المطارات والموانئ بذلك وتسليمه جواز السفر في حالة سحبه وإجمالا تمكينه من حرية الانتقال إلى خارج البلاد.
وعدم تنفيذ الإدارة للأمر القاضي بإيقاف التنفيذ معناه إصرار الإدارة على أعمال أثر قرارها الذي أوقف تنفيذه ومن ثم يعتبر إهدارا لحجية الأمر وينطوي على عدم احترام سيادة القانون ومبدأ المشروعية وهو ما يتعين أن تنزه عنه الجهة الإدارية. ففي حين أصدرت قرارها يفترض أنها استهدفت الصالح العام كما اعتقدته ورأته كسلطة تنفيذية وإن القضاء عندما أوقف تنفيذ قرارها فهو بحكم ولايته فقد تحقق من مخالفة الإدارة للقانون. وفي ختام الأمر فإن تنفيذ الأمر بوقف التنفيذ من قبل الإدارة هو واجبها الأسمى تحقيقا لمبدأ خضوع الإدارة للقانون1 (جدید).
وإذا استمرت الإدارة في تنفيذ القرار الإداري على الرغم من صدور الأمر بوقف تنفيذه كان ذلك غصبا وتعديا ويلزمها أشد التعويض2 (جدید).
المطلب الثاني: أثر الطعن على تنفيذ الأمر بوقف التنفيذ
سبق القول أن الأمر الصادر بوقف التنفيذ للقرار الإداري هو حكم قضائي قطعي له مقومات الأحكام وخصائصها ومن ثم فإنه يجوز الطعن فيه استقلالا عن الطعن في الحكم بالإلغاء… والقول بوجوب انتظار الحكم في دعوى الإلغاء هو لزوم ما لا يلزم.
وهذا الطعن جائز سواء ضد الأوامر التي تقضي بالإيقاف أو ضد تلك التي ترفضه. ومجرد الطعن في الأمر الصادر بإيقاف التنفيذ ليس له أي أثر واقف إعمالا لمبدأ الأثر غير الموقف لطرق الطعن في المواد الإدارية. وبالإضافة إلى أن الأوامر الاستعجالية في المواد الإدارية مشمولة بالنفاذ المعجل كما سبق تبيانه ونفس الشيء عند صدور الحكم برفض الطعن وتأييد الأمر بإيقاف تنفيذ قرار.
أما إذا قضي بإلغاء الحكم فيتوقف الأمر عن إنتاج آثاره وتعود للقرار الإداري الموقوف قوته التنفيذية على أن يقضى في دعوى الإلغاء بحكم موضوعي. لا يؤثر الطعن مباشرة على تنفيذ الأمر بوقف التنفيذ إلا بقرار قضائي آخر.
وفي فرنسا فإنه في حالة استئناف حكم محكمة أول درجة القاضي بإيقاف تنفيذ القرار الإداري يمكن لرئيس مجلس الدولة في الحال أو من يفوضه وبصفة وقتية أن يوقف تنفيذ الحكم القاضي بإيقاف تنفيذ القرار الإداري بموجب أمر غير مسبب ينتهي أثره من تاريخ صدور حكم مجلس الدولة في الطعن في الحكم الصادر بإيقاف حكم التنفيذ. وهذا بالتأكيد ضمانة إضافية للإدارة التي أصدرت القرار الإداري الذي أوقفه حكم أول درجة على أن هذا الاستئناف نفسه يضحى بلا موضوع في حالة إصدار محكمة أول درجة حكمها في الموضوع قبل الفصل في الاستئناف3.
المراجع:
- تبليغ الأمر ضروري ليس لمتابعة التنفيذ فقط ولكن لبداية سريان مواعيد الطعن.
- حسني سعد عبد الواحد، (إشارة إلى عمل سابق للمؤلف لم يحدد عنوانه في النص المصدر)، ص 200.
- حمدي ياسين عكاشة، “الأحكام الإدارية في قضاء مجلس دولة”، الطبعة الأولى، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1997، ص 320، 391.
- سامي جمال الدين، (إشارة إلى عمل سابق للمؤلف لم يحدد عنوانه في النص المصدر)، ص 329.
- حسني سعد عبد الواحد، (إشارة إلى عمل سابق للمؤلف لم يحدد عنوانه في النص المصدر)، ص201، ص 202. (المرجع مكرر لاقتباس مختلف)
Add comment