الشروط المتعلقة بأطراف الدعوى الإدارية ودورها في قبول الدعوى
في سياق إجراءات الدعوى الإدارية لا يكفي استيفاء الشروط المتعلقة بالعريضة فحسب بل يجب أيضا تحقق الشروط المتعلقة بأطراف الدعوى الإدارية. هذه الشروط بوجودها يقبل القاضي الإداري الدعوى ويفصل في الموضوع وفي حال عدم وجودها يحكم بعدم قبولها ولا يتطرق بالتالي للموضوع. سنفصل في هذه الشروط الهامة.

أهمية الصفة كأحد شروط أطراف الدعوى الإدارية
تطرقت المادة 13 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية لمفهوم الصفة. المقصود بالصفة هو أن يكون رافع الدعوى صاحب الحق الذي اعتدي عليه وتخص الصفة كذلك المدعى عليه حيث ترفع الدعوى ضد من قام بهذا الاعتداء مع بعض الاستثناءات. بناء على ذلك يحق لكل منهما أن تمثله بشخص آخر وفقا للطرق القانونية المقررة وهو ما يطلق عليه بالصفة العادية أو الاستثنائية أو الإجرائية (1). بالتالي لا يصح رفع الدعوى أمام القضاء الإداري من شخص من أشخاص القانون العام ضد آخر أو شخص طبيعي وكذلك العكس إلا بوجود هذا الشرط الأساسي من شروط أطراف الدعوى الإدارية.
بالإطلاع على الفقرة “2” من المادة “13” جعل المشرع الصفة من النظام العام حيث يشير الخصوم بطبيعة الحال إذا لم تكن متوفرة في أحدهما كما يثيرها القاضي الإداري تلقائيا عند تفحص الملف وملاحظة عدم توفرها. بالتالي يجب إثارتها في أي مرحلة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام مجلس الدولة بصفته جهة استئناف أو نقض حسب الحالة. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى الصفة الجماعية حيث يحق للنقابات والجمعيات رفع الدعاوى ويعد هذا استثناءا على الأصل حيث لا ترفع الدعوى إلا من شخص واحد إلا أنه في الحالة هذه ترفع من النقابة أو الجمعية دفاعا على المصلحة الجماعية. إن توافر الصفة هو جوهر من شروط أطراف الدعوى الإدارية.
المصلحة كشرط أساسي في الدعوى القضائية الإدارية
إن هذا الشرط في الدعوى القضائية الإدارية قد يتسع مفهومه بالنسبة للدعوى القضائية التي تكون من عدة أشخاص طبيعيين وذلك ولو نظريا. فقد يقوم مواطن أو أكثر برفع دعوى إدارية للتصدي لتعسف إدارة أو إضرارها بمصلحة من المصالح العامة وهو معروف في القانون الروماني بالدعوى الشعبية وفي القضاء الإسلامي بدعوى الحسبة وهذا ما لم يأخذ به القضاء الإداري في دعوى القضاء الكامل (2). تشكل المصلحة عنصرا حاسما ضمن شروط أطراف الدعوى الإدارية.
ويشترط في المصلحة أن تكون قانونية أي يعترف بها القانون وتكون هذه عن طريق القضاء الإداري في الدعوى الإدارية وهذا تجنبا لرفع الدعوى لحماية مصلحة واقعية. بالتالي يجب أن تكون المصلحة المراد حمايتها مشروعة كذلك وقد تكون شخصية أو جماعية (1). ضف إلى ذلك أن تكون قائمة وحالة أي يكون الاعتداء قد وقع فعلا فتحققت مصلحة رافع الدعوى في رفعها. وكان قانون الإجراءات المدنية القديم لا يحمي المصلحة المحتملة إلا ما استثني بنص (2). لكن بصدور قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد حسم النزاع وذلك في الفقرة “1” من المادة “13” التي تنص على أنه “لا يجوز لأي شخص التقاضي ما لم تكن له صفة وله مصلحة قائمة أو محتملة يقرها القانون …”. وبما أن القانون صدر مؤخرا نبقى ننتظر التطبيقات القضائية لهذا النص ونظرة الفقه له في المستقبل القريب. بدون شك تعد المصلحة من أهم شروط أطراف الدعوى الإدارية.
القيد كأحد الاعتبارات المؤثرة
الالتجاء للقضاء حق لكل شخص سواء كان محقا في دعواه أم لا. لكن قد يتدخل المشرع لمنع شخص من الالتجاء للقضاء فقد يكون هذا المنع مطلقا مثل ما تتعلق بأعمال السيادة. وقد كانت الشركات الوطنية في ظل القانون السابق ممنوعة من الالتجاء للقضاء في حال نشوب نزاع بينهما حيث تسوى المشاكل العالقة بينهما وديا.
وقد يكون المنع مؤقتا كإجرام التظلم الإداري المسبق في الدعوى القضائية الإدارية بصدد بعض الدعاوى دون غيرها. بالتالي يعتبر القيد عقبة قانونية لا ينفتح باب القضاء أمام الشخص إلا بعد استيفاء هذا القيد وذلك على الخصوص في دعاوى إلغاء القرارات الإدارية المركزية. وللعلم فإن القضاء استقر على عدم اعتبار القرار الإداري المطعون فيه قضائيا شرطا من شروط رفع الدعوى وهذا لاعتبارات عملية فقد لا يتمكن المدعي من الحصول عليه نظرا لتعسف الإدارة (4). ويمكنه من إثبات القرار بكل الطرق وقد نصت المادة “819” على أن القاضي الإداري يستطيع توجيه أمر للإدارة لتمكين المدعي منه إذا كان التعسف منها. يعتبر القيد عنصرا يؤثر على شروط أطراف الدعوى الإدارية بشكل غير مباشر.
المراجع والهوامش:
- اعمر زودة الإجراءات المدنية على ضوء آراء الفقهاء وأحكام القضاء ENCYCLOPEDIA ص 62 -65 .
- د. مسعود شيهوب المرجع السابق ص266 267.
- د. أحمد محيو المنازعات الإدارية ديوان المطبوعات الجامعية الطبعة السابعة ص157.
- أعمر زودة المرجع السابق ص 47 -48.
- قرار رقم 61- 1975 المجلة القضائية – العدد 2 لسنة 1996 ص 147.
- قرار رقم 024638 بتاريخ 2006/06/28 مجلة مجلس الدولة-العدد 8- لسنة 2006 ص 221.
Add comment