مدون للمقالات الأكادمية

كيفية تنفيذ أحكام وقف التنفيذ وأثرها الجوهري على دعوى الإلغاء

كيفية تنفيذ أحكام وقف التنفيذ وأثرها الجوهري على دعوى الإلغاء

كيفية تنفيذ أحكام وقف التنفيذ وأثرها الجوهري على دعوى الإلغاء

لدراسة هذا المطلب، نتطرق في الفرع الأول لكيفية تنفيذ الحكم الصادر بوقف تنفيذ القرار الإداري مع تمييزه عن الإشكال في التنفيذ، في حين نخصص الفرع الثاني لأثر حكم وقف التنفيذ على دعوى الإلغاء المرفوعة ضد القرار المطعون فيه. إن فهم كيفية تنفيذ أحكام وقف التنفيذ وأبعادها القانونية أمر بالغ الأهمية.

الفرع الأول: كيفية تنفيذ حكم وقف تنفيذ القرار الإداري

إن حكم وقف تنفيذ القرار الإداري يصدر وفق الشكل المعتاد للأحكام القضائية المشار إليها أعلاه في المطلب الأول ويمهر بالصيغة التنفيذية. وعليه فالسؤال المطروح هو متى يبدأ سريان وقف التنفيذ؟ فهل من تاريخ النطق به؟ أم من تاريخ إعلانه (تبليغه لذوي الشأن)؟ وفقا لنص المادة 837 ق إ م إ1، فإن كيفية تنفيذ أحكام وقف التنفيذ تكون من تاريخ تبليغه للمخاطبين به ما لم ينص الحكم على تنفيذه بدون تبليغ أي بموجب المسودة في حالة الحكم بوقف التنفيذ بموجب أمر استعجالي بإتباع إجراءات الاستعجال، كما كان عليه الحال قبل صدور الاجتهاد القضائي لمجلس الدولة في سنة 2004 المنشور بالمجلة القضائية العدد 5 المشار إليه سابقا والذي كرس عدم اختصاص القاضي الإستعجالي الإداري للفصل بمفرده في طلب وقف التنفيذ وهذا ما أكدته نص المادة 836 ق إ م إ2.

وفي فرنسا يبدأ تنفيذ الحكم الصادر بوقف تنفيذ القرار الإداري من تاريخ تبليغه للجهة الإدارية التي أصدرته وتبليغها للحكم يكون وفقا لما نصت عليه المادة 22 فقرة أخيرة من لائحة الإدارة العامة الصادرة بتاريخ 1953/09/28 التي نصت على أنه: “يعلم الأمر بوقف تنفيذ القرار الإداري إلى أصحاب الشأن بما فيهم مصدر القرار خلال أربعة وعشرين ساعة وتوقف آثار هذا القرار ابتداء من اليوم الذي يستلم فيه مصدره هذا الإعلان”3. إن إتقان كيفية تنفيذ أحكام وقف التنفيذ يضمن فعالية هذا الإجراء.

وإعلان الحكم أو تبليغه يكون بموجب تبليغ رسمي من الأشخاص المختصمين في الدعوى وفقا لنص المادة 837 ق إ م إ السالفة الذكر. وعليه فإن وقف تنفيذ القرار الإداري يكون بعد صدور الحكم الذي قضى بوقف تنفيذه وإمهاره بالصيغة التنفيذية وتبليغه للإدارة التي صدر عنها القرار. ويستمر الوقف إلى غاية الفصل في طلب الإلغاء المعروض أمام جهة الموضوع. وبموجب التبليغ ينفذ الحكم دون حاجة لانتظار انقضاء مواعيد الطعن أو الحكم الصادر في هذا الطعن. وفي حالة قيام الإدارة بالتنفيذ الجبري للقرار المحكوم بوقف تنفيذه يعتبر اعتداءا ماديا تترتب عليه مسؤوليتها بالتعويض عن الضرر الذي تسببت فيه في حالة إلغاء القرار بصفة نهائية لأن ذلك يعتبر خطأ منها4.

ومنه فالمشرع الجزائري طبقا لنص المادة 837 ق إ م إ أكد أن التبليغ يكون في أجل أربعة وعشرين ساعة وبجميع الوسائل من تاريخ صدور الحكم وبذلك توقف آثار القرار الإداري المطعون فيه ابتداء من تاريخ وساعة التبليغ الرسمي للجهة الإدارية التي أصدرته. وهذا الحكم الذي يأمر بوقف التنفيذ يمكن استئنافه أمام مجلس الدولة في أجل خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ.

وإن جوهر الإجراءات الخاصة بتنفيذ حكم وقف التنفيذ في مصر لا يختلف عما تطرقنا إليه في فرنسا إذ تبدأ الإجراءات بالحصول على الصيغة التنفيذية والتبليغ دون انتظار مواعيد الطعن أو الحكم الصادر فيها. لكن المادة 286 من قانون المرافعات المصري أجازت التنفيذ بدون الحصول على الصيغة التنفيذية عندما يرفع الطلب وفقا لإجراءات الاستعجال أو في الحالات التي يكون فيه التأخير ضارا ومولدا لنتائج يصعب تداركها وذلك بأمر من المحكمة وبموجب المسودة دون حاجة للتبليغ1 (جدید).

وتجدر الإشارة أن وقف التنفيذ يختلف عن إشكالات التنفيذ لأن الأول يخص القرار الإداري المطعون فيه بالإلغاء أو القرار القضائي الإداري الذي رفع بشأنه استئناف أمام مجلس الدولة الذي له صلاحية ذلك بهدف تفادي الأضرار والنتائج التي لا يمكن تداركها عن البدء في التنفيذ. كما أن الاختصاص في ذلك ينعقد دائما للقاضي الإداري. في حين أن إشكالات التنفيذ تكون عند البدء في تنفيذ الحكم أو القرار القضائي النهائي الممهور بالصيغة التنفيذية والتي ينعقد اختصاص الفصل فيها للقاضي العادي حتى ولو تعلق الأمر بالقرار القضائي الإداري. وهو الأمر الذي استقر عليه اجتهاد مجلس الدولة الجزائري في قراره الصادر بتاريخ 2002/11/05 تحت رقم 009934 قضية (خ.ط) مع والي ولاية البليدة ومن معه) الذي جاء فيه أن: “الإشكالات في تنفيذ القرارات الصادرة عن الجهات القضائية الإدارية تخضع لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة للقانون العادي وحده”2 (جدید). يعتبر التمييز بينهما جوهريًا عند الحديث عن كيفية تنفيذ أحكام وقف التنفيذ.

الفرع الثاني: أثر حكم وقف تنفيذ القرار الإداري على الحكم في دعوى الإلغاء

إن حكم وقف تنفيذ القرار الإداري لا يقيد القاضي الإداري الذي أصدره عندما يفصل في الخصومة المعروضة عليه المتعلقة بالإلغاء لاعتباره حكما وقتيا يعالج أحد الطلبات المستعجلة السابقة على الفصل في الموضوع. لكن قد يؤدي إلى وضع نهائي للخصوم في بعض الأحيان من الناحية الواقعية لأن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالإلغاء يقدم للمحكمة الإدارية المختصة لمواجهة أحوال تتميز بالطابع الإستعجالي ولتفادي ما قد ينجر عنه من أضرار قد تلحق بذوي الشأن في حالة تنفيذه من طرف الإدارة. ومثال ذلك صدور قرار بمنع طالب من دخول امتحان أو قرار منع مريض من السفر إلى الخارج للعلاج أو قرار هدم منزل أثري وغير ذلك من القرارات التي لها طابع الاستعجال. واستجابة المحكمة الإدارية لطلب وقف تنفيذ قرار منع طالب من دخول الامتحان ومن ثم السماح له (للمدعي) بالدخول وتأدية الامتحان فإن دعوى الإلغاء فيما بعد تصبح غير ذات موضوع مما يستوجب الحكم بانتهاء الخصومة في هذه الحالة. وعليه فإن وقف التنفيذ قد يترتب عليه في بعض الأحيان نفس الأثر الذي يحدثه حكم الإلغاء في كون هذا الأخير يلغي القرار ويعدمه بالرغم من أن حكم وقف التنفيذ يلغي القرار مؤقتا إلى غاية الفصل في دعوى الإلغاء. وهو الأمر الذي وقفت عليه دائرة وقف التنفيذ المصرية في سنة 19513 (جدید). إن أثر وقف التنفيذ على دعوى الإلغاء واضح في هذه الأمثلة.

وبذلك فإن حكم وقف التنفيذ بمجرد تبليغه للأطراف المعنية به يرتب كافة الآثار القانونية ويؤدي إلى عدم تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه رغم المعارضة والاستئناف. وإذا ما أقدمت الإدارة على تنفيذه باستعمال القوة الجبرية لها فإن ذلك يؤدي إلى قيام مسؤوليتها وإلزامها بالتعويض عن الأضرار التي تلحق بذوي الشأن في حالة إلغاء القرار المطعون فيه بعد صدور حكم قضى بوقف تنفيذه. هذا بصفة وجيزة عما يتعلق بالحكم الصادر بوقف التنفيذ وطريقة تنفيذه والآثار التي يرتبها. لذلك كان من الضروري الوقوف على مدى قابليته هو الآخر لوقف التنفيذ وهو ما يصطلح عليه بوقف التنفيذ للقرارات القضائية مميزين في ذلك بين القرارات التي تصدر عن المحاكم الإدارية والتي تصدر عن مجلس الدولة فيما يتعلق بوقف التنفيذ. وهو الأمر الذي نتطرق له في المطلب الآتي ذكره.


المراجع:

  1. تنص المادة 837 ق.إ.م.أ على أنه: “يتم التبليغ الرسمي للأمر القاضي بوقف تنفيذ القرار الإداري خلال أجل أربع وعشرين (24) ساعة، وعند الاقتضاء، يبلغ بجميع الوسائل، إلى الخصوم المعنيين وإلى الجهة الإدارية التي أصدرت القرار الإداري المطعون فيه. توقف آثار القرار الإداري المطعون فيه ابتداء من تاريخ وساعة التبليغ الرسمي أو تبليغ أمر وقف التنفيذ إلى الجهة الإدارية التي أصدرته. يجوز استئناف أمر وقف التنفيذ أمام مجلس الدولة خلال أجل خمسة عشر (15) يوما من تاريخ التبليغ”.
  2. تنص المادة 836 ق.إ.م.أ على أنه: “في جميع الأحوال تفصل التشكيلة التي تنظر في الموضوع في الطلبات الرامية إلى وقف التنفيذ بأمر مسبب. ينتهي أثر وقف التنفيذ بالفصل في دعوى الموضوع”.
  3. الدكتور عبد الغني بسيوني عبد الله، وقف تنفيذ القرار الإداري، (إشارة إلى عمل سابق للمؤلف بهذا العنوان)، ص 236.
  4. الدكتور عبد الحكيم فودة، الخصومة الإدارية، (إشارة إلى عمل سابق للمؤلف بهذا العنوان)، ص 341.
  5. الدكتور عبد الغني بسيوني عبد الله، وقف تنفيذ القرار الإداري، (إشارة إلى عمل سابق للمؤلف بهذا العنوان)، ص 238. (المرجع مكرر لاقتباس مختلف)
  6. مجلة مجلس الدولة، الغرفة الخامسة، العدد 3، سنة 2003، الجزائر، ص 188 و189.
  7. الدكتور عبد الغني بسيوني عبد الله، (إشارة إلى عمل سابق للمؤلف بهذا العنوان)، ص 241. (المرجع مكرر لاقتباس مختلف)

Add comment

Follow us

Don't be shy, get in touch. We love meeting interesting people and making new friends.